
حينما تسمو،،،،،،بين دفتي الحياة، تقف النفس في رحلةٍ طويلةٍ بين الرغبة والواجب، وبين ما تهوى وما ينبغي أن تكون عليه.هي مرآة الإنسان وسرّ اتزانه، إن زكّاها سمت، وإن أهملها انطفأت.لكلّ نفسٍ حقٌّ أن تُفهَم وتُربّى وتُهذّب، كما أن عليها واجبًا أن تسعى، وتتعلم، وتُحسن التعامل مع ذاتها والآخرين.
تلك النفس التي تختزن في أعماقها الضوء والظلّ معًا، تحتاج إلى يدٍ تربّت لا تُوبّخ، وإلى صوتٍ يرشد لا يأمر.ومن هنا تأتي أهمية البرامج الثقافية والدورات التوعوية التي تُقام في الجمعيات والمبادرات المجتمعية، إذ تفتح أمام الفتاة نوافذ فكرٍ جديدة، وتغرس في داخلها معنى الوعي والاختيار المسؤول.فهي ليست دروسًا في الأخلاق فحسب، بل مساحات حوارية تتيح للنفس أن تفهم ذاتها، أن تراجع، وتعيد بناء ما تهدّم بفعل الحياة.
حين تجلس الفتاة في حلقة نقاش، أو تستمع إلى فكرة تلامس عقلها، أو تشارك في تجربة جماعية تُنمّي روحها، فهي في الحقيقة تمارس أسمى صور الاعتناء بالنفس.إنها تتعلم كيف تتصالح مع ماضيها، وكيف تضع لحياتها بوصلة واضحة، وكيف تميّز بين صوتها الداخلي الصادق، وضجيج العالم من حولها.
وما أجمل أن تكون هذه اللقاءات والمبادرات دليلًا على أن الوعي يمكن أن يُصنع بهدوء، وأن بناء النفس لا يكون بالوعظ الجاف، بل بالفكر الراقي والمشاركة البناءه.فكل دورة، وكل مقال، وكل مساحة حوارية تُنير عقل الفتاة وتوقظ قلبها، هي لبنة تُضاف في بناء شخصيةٍ متوازنة تعرف ما لها وما عليها، تسعى بخُطا ثابتة نحو ذاتٍ مطمئنةٍ، لا مغرورةٍ ولا منكسرة.
هكذا تُزهِر النفس حين تُروى بالمعرفة، وتُهذَّب بالخلق، وتُوجَّه بالحكمة.فالنضج لا يُمنح، بل يُكتسب… بالتأمل، وبالقراءة، وبالانصات لما هو أعمق من الكلمات….